top of page
Search

حداد العيد


كانت نساء الحارة والنساء في القرية يمتنعن عن الحناء والخضاب كفعل تضامني إذا مات أحد الجيران. الحداد كفعل تضامني جزء من هويتنا الثقافية التي تعتمد في بناءها على التكافل الاجتماعي كواحد من أهم الركائز. أن تشعر بالآخر سواء كان قريب أو بعيد ما دامت تجمعكم أواصر القرابة لسابع جد و الجورة والجار لسابع بيت.

الثمان السنوات الماضية تضاعف الموت حتى أصبح من الصعب التوقف والحداد مع كل على حدة، فنحن جميعا نعيش حداد جماعي ننعي فيه فقد دولة كانت تحتضر وقتلت في محاولة لإنعاشها.


لكن هذا الحداد الجماعي بدلا من أن يتحول لفعل مقاومة أو تضامن تحول إلى لا مبالاة جمعية. أصبح الفقد وجبة خفيفة في كل بيت.

وبالرغم من أن كل بيت قد تجرع ويلات هذه الحرب إلا أن هناك من تجرع مرارتها أضعافا مضاعفة وهناك من فتحت لها مسارات واسعة.


ما يهمني هنا هم ملايين الناس الذين يعيشون في فقر مدقع وتستمر الحياة بهم أو بدونهم.

البعض يتجرأ ويواجه الحياة رغم وحشيتها والبعض الآخر يتعزز في محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه وكأنه من تسبب بكل هذه الفوضى.


وتتسع دائرة الفقد وتتسع معها هاوية التكيف واللامبالاة.


في تسعينات القرن الماضي واجهت جموع من المتظاهرين سياسات الولايات المتحدة تجاه علاج مرض نقاص المناعة بالحداد الجماعي حتى أجبرت الحكومة على تعديل قوانينها ومازال الحداد وسياسات الفقد جزء من نضال السود والأقليات في أميركا وغيرها.


قد يقول البعض كيف من الممكن لأي فعل تضامني أو مقاومة أن يغير أي شيء في بلد بلا دولة! لكن ما فعلته رابطة أمهات المختطفين وما يفعلنه كل يوم يبعث فينا الأمل أن كل فعل مقاومة منظم هو جزء من النضال ضد الظلم.

لكن حتى لو لم يكن فعل مقاومة فيكفي أن لا ننسى وأن لا نسقط في قعر اللامبالاة وأن لا نفقد تعاطفنا تجاه أنفسنا والآخر الذي قد لا نعرفه إلا حين يقتل دهسا بالأحذية بعد أن مات مئات المرات من الجوع.



حداد العيد ليس دعوة للمقهورين بأن يقتلوا البهجات الصغيرة التي يجيدون خلقها أكثر مننا جميعا بل هي دعوة لنا جميعا أن لا نتوقف عند كل حدث بنشر غضبنا على حبل غسيل السوشل ميديا ومواصلة الحياة بخفة. وعينا وضمائرنا وأخلاقنا جزء لا يتجزأ من ذلك الغضب وأخاف أن تجف جميعها بينما يحترق آخرون.


#حداد_العيد دعوة جماعية للتضامن مع من يتساقطون في أوقات الحرب والسلام ولا يعلم أحد عنهم شيء.

#حداد_العيد دعوة لمقاومة الظلم والظالمين جميعا وتغيير المنكر ولو بأضعف الإيمان.

دعوة للأمهات والأباء والأطفال من كل الأطياف للحداد للشعور بالآخر وبفقده ووجعه وتخيل أنفسنا مكانه حتى لا تدور الدوائر و يجد اللا مبالي اليوم نفسه وحيدا غدا.


حداد العيد دعوة جماعية للعالم ليتكلم ويسمع ويرى ما يحدث وأن يتوقف عن التجاهل أو المشاركة السلبية. ودعوة للمتسببين بكل هذا العبث المنظم بأن يسمحوا للنور أن يعبر لأرواحهم حتى لا تلعنهم أرواح الأبرياء.



#حداد_العيد



Recent Posts

See All
bottom of page