
اعترضت نيرفانا ابنة صديقتي العزيزة على سفرنا قائلة أن بإمكانها زيارتنا بالطائرة.. يقولون أن فطرة الطفل هي الفطرة السليمة وترى نونه كما نحب أن نناديها أن المانع الوحيد لزيارتنا في محل إقامتنا الجديد هو تذكرة سفر وطائرة.. لكن في الحقيقة تقف الآف الحواجز بيننا تمنعنا من اللقاء بسهولة، تتلخص في كلمتين: جواز سفر!
بينما يقسم الغرب العنصرية حسب اللون والعرق والدين فإنهم يسقطون سهوا وعن عمد تلك الورقة التي تضم كل أنواع العنصرية وتصنفك كإنسان من أسفل القائمة. تفني نصف عمرك محاولا اختراق قوانين الطبيعة التي أوجدتك كمواطن في العالم الثالث لتتمكن من الانعتاق من ماضيك أو الهروب من حاضرك.
لا يهم إن كنت من بلد فقير ومحاصر وتعيش أسوأ مجاعات العصر وتهدد الحرب حياة أطفالك وحياتك، ما لم تجد طريقك للهروب فلن ينقذك أحد. دائما مهما تجاوزت من نقاط تفتيش، ستأتي تلك النقطة التي ينظر فيها الجندي إلى أوراقك الثبوتية ويحدق في عينيك مستغربا هل حقا تريد العبور؟! ألا تعلم من أنت ومن أين جئت! و تقف أنت بين حاجز الخوف الذي تجاوزته وحاجز ورقي لا تستطيع فعل أي شيء حياله!
لا شيء يشفع لك عندما يكون دليل التعريف بك هو جواز سفرك البائس. لا لون عينيك ولا بشرتك الفاتحة ولا الصليب الذي تضعه قرب قلبك ولا آيات المصحف التي تحفظها عن ظهر قلب..
وبينما يكون البحر هو الفاصل الوحيد بين دول من العالم الثالث وأخرى من العالم الأول، فإن هناك من البلاد التي تبعد الآف الأميال ومئات السنين. تقع اليمن على سبيل المثال جنوب شبه الجزيرة العربية، يحدها جنوبا البحر وشمالا المملكة العربية السعودية. لا يمكن أن يُحسد اليمني على حظه الواقع بين بحر مالح يقود نحو ضفاف أخرى من العذاب أو صحراء مجدبة تبتلعه رمالها أو تلفظه محطما وتعيق كل محاولاته للنجاة أو العبور إلى محطة أخرى.
ينادون بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان والعدل وتجد أن الحق لـ"قطة" في الحصول على جواز بلد ما أسهل بكثير من حصول طفل ولد في ذات البلد ودرس وعمل وأفنى نصف عمره أو أكثر فيها ومع ذلك تُرفض مواطنته ويجد نفسه معلقا بين بلد لا يعرف سواها وبلد ينتمي إليها "ورقيا"!
لا يمكن أن يُحسد اليمني على حظه الواقع بين بحر مالح يقود نحو ضفاف أخرى من العذاب أو صحراء مجدبة تبتلعه رمالها أو تلفظه محطما وتعيق كل محاولاته للنجاة أو العبور إلى محطة أخرى.
ينادون بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان والعدل وتجد أن الحق لـ"قطة" في الحصول على جواز بلد ما أسهل بكثير من حصول طفل ولد في ذات البلد ودرس وعمل وأفنى نصف عمره أو أكثر فيها ومع ذلك تُرفض مواطنته ويجد نفسه معلقا بين بلد لا يعرف سواها وبلد ينتمي إليها "ورقيا"!
لا شيء يشفع لك عندما يكون دليل التعريف بك هو جواز سفرك البائس. لا لون عينيك ولا بشرتك الفاتحة ولا الصليب الذي تضعه قرب قلبك ولا آيات المصحف التي تحفظها عن ظهر قلب.. لا شيء سيسمح لك بالعبور لا لونك ولا دينك ولا عرقك، وحدها جنسيتك التي تحدد ما الذي يحق لك وما الذي لا يمكنك تجاوزه. حتى لو كنت درويشا وكانت كل قلوب البشر جنسيتك، لن يسقط عنك أحد جواز السفر.